مدنيو آسيا في زمن الحرب – ستيوارت لون
د.ك4.000
منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي- الذي يعد نقطة البداية الأساسية لهذا الكتاب- كانت مجتمعات شرق آسيا مرغمة وبشكل متزايد على تغيير قيمها وممارساتها. وتتمثل نقطة التحول هنا في هجوم الحكومة البريطانية على الصين بين عامي 1839 و1842، ذلك الهجوم الذي عُرف باسم «حرب الأفيون الأولى». ونتيجة لهزيمة الصين في هذه الحرب وفي حروب تالية، وقيام القوى الغربية بفرض الحكم الاستعماري والاتفاقيات الجائرة على آسيا، نشأ نظام ثقافي واجتماعي جديد من نوعه. في هذا السياق، كان بقاء الأمة يعتمد في البداية على إنشاء دولة (من خلال التعليم الجماعي لمعرفة القراءة والكتابة وتطوير وسائل إعلام جديدة) وبناء أساس اقتصادي واجتماعي يسمح ببناء الجيش. ونتيجة لذلك أسفرت الحروب والتهديدات عن تغييرات غير عادية في حياة الأطفال (الذين يذهبون الآن للمدارس ويطلق عليهم «التلاميذ») والنساء (اللاتي يعملن في المصانع حيث يمكنهن الحصول على رواتب واستخدام تعليمهن للتخصص في مهن جديدة) والرجال (الذين يواجهون الآن احتمال الالتحاق بالخدمة العسكرية). كما أن الوجود المادي والقوة الاقتصادية للجيش توسعا وبلغا مستويات غير مسبوقة. يتضح ذلك مثلاً من خلال المقارنة بين أوضاع الصين وكوريا خلال المائة عام الماضية. وتبقى النقطة الأعم هنا أن ثقافة التطوير الرأسمالي والابتكارات في التكنولوجيا البحرية والعسكرية وتصاعد دور الجيش بوصفه لاعباً مؤثراً في المجتمع، فضلاً عن انتشار ثقافة الاستعداد لـ «اختبار الجسد بالجسد» في الاشتباك مثلما يحدث في الرياضات الالتحامية، فضلاً عن انتشار الوعي بأهمية الثقافة المادية والإصرار على تطويع الطبيعة لتلبية احتياجات الإنسان، كل هذه القيم لم تُغرَس في شرق آسيا إلا خلال المائة والخمسين عاماً الماضية.
There are no reviews yet.